بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عبآدة التفكير من العبادات الغائب مفهومها عن الكبار، رغم أهميتها وما ورد فى وجوبها وفضلها،
فالتفكّر هو التدبر والاعتبار، وهى عبادة تمارس بالقلب، وتشترك فيها العين.
التفكر عبادة أجرها عظيم، وفضلها كبير، وجّه إليها القرآن الكريم، ودعت إليها السنة النبوية المطهرة، وحافظ عليها المسلمون كثيراً، فكانت سبباً فى نهضتهم وتحقيق السبق الحضارى لهم فى جميع المجالات والميادين، وكان منهم رواد فى علوم شتى منها: الجبر "الخوارزمى"، والكيمياء "جابر بن حيان"، والطب "ابن سينا، وابن النفيس".
وأهمية عبادة التفكُّر فى تعريف الأطفال بالخالق وتحببهم فى عبادته
وعن أهمية التفكر للأطفال فمن الضرورى ربطهم بالتفكُّر، عبادة واستجابة لأوامر الله تعالى الخاصة بالتعقل والتدبر والتذكر والتبصر والنظر فى ملكوت السماوات والأرض، ومن الضرورى أن يكون التأمل أسلوباً لحياتهم؛ ليتحقق الإبداع والابتكار، ولتظهر المواهب، فتتبوأ الأمة موقع الصدارة والريادة كما كانت.
بالإضافة إلى ذلك: فإن الأولاد حين يدركون أهمية هذه العبادة، سيتعرفون على الأولويات فى حياتهم، جداً واجتهاداً بعيداً عن العبثية، فيكونون طاقة فاعلة منتجة، وليسوا عبئاً على أسرهم ومجتمعهم، وما نسمعه عن معاناة بعض الأسر والمدارس من المشكلات الأخلاقية والسلوكيات للأطفال والشباب، كل ذلك سوف يتضاءل وينتهى أمام اتخاذهم من التفكُّر عبادة.
كذلك، فإن ربط الأولاد بعبادة التفكُّر يقربهم من الله سبحانه وتعالى، استشعاراً لمعيته وقربه ومراقبته.
كذلك فإن ربط الأولاد بعبادة التفكر يمنحهم حسن التوكل على الله تعالى، ويزيدهم ثقة فى خالقهم عز وجل، فهو صاحب القدرة المطلقة، وهذا يفيدهم نفسياً فى إزالة القلق والتوتر، كما يمنحهم الثقة فى أنفسهم على الإنجاز والعطاء، اعتماداً على خالقهم سبحانه وتعالى، واستخداماً صحيحاً لنعمة العقل وهى من أجل النعم.
أساليب ترغيب الأطفال فى عبادة التفكر
هناك العديد من الأساليب التى تُرغّب الأولاد فى عبادة التفكر، وينبغى التركيز على عدة أمور، منها:
- أن تسود روح المودة والحب بين الأبوين والأولاد، فالحب داخل الأسرة هو الجسر الذى يضمن لها النجاح فى أداء رسالتها بمشيئة الله تعالى.
- أن يتفهم الأبوان نفسية أولادهما وخصائصهما جيداً، بحيث تراعى الفروق الفردية عند التوجيه, فلكل قدراته ومهاراته، وحسن الاستثمار مهم جداً.
- أن يمنح الأبوان أولادهما الثقة فى أنفسهم وعقولهم، ومن ثم ضرورة التأمل واستخدام نعمة العقل.
- توجيه الأولاد إلى قراءة الكتب والقصص ومشاهدة الأفلام الخاصة بعالم البحار، والمحيطات، والنباتات، والصحراوات، والكواكب، والطيور والحيوانات.
- ربط الأولاد بالإعجاز العلمى فى القرآن والسنة، من خلال حضورهم المعارض والندوات وعقد المسابقات.
- أن يقضى الأولاد بعض الوقت مع أطباء يتحدثون معهم عن الإنسان.
كيف يرى؟
وكيف يسمع؟
وكيف يتكلم؟
كيف تعمل أجهزته حساً وحركة، وتنفساً، وهضماً، ما مكونات الجسم؟
ماذا عن الجنين ودورة حياته؟
إلى غير ذلك من أمور تتعلق بالإنسان، وتتجلى فيها بعض آيات القدرة الإلهية، فماذا عن السماوات والأرض وما فيهما من عجيب صنع الله القادر {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}.
- اصطحاب الأولاد فى رحلات خلوية ليتأملوا حركتى الشروق والغروب، ويتأملوا أين الليل إذا كان النهار؟ وأين النهار إذا كان الليل؟ وكيف يبزغ الفجر من سواد الليل؟
- التفكير مع الأولاد من خلال القيام ببعض التجارب، أو زيارة المزارع والحدائق فى الآتى: كيف تتم عملية الإنبات؟ وكيف يكون النمو؟
- كيف تختلف النباتات والفواكه فى أشكالها وأحجامها ومذاقها وهى تسقى بماء واحد؟ والتربة واحدة؟ والبيئة واحدة؟
والأيدى التى تتعهدها واحة، فسبحان من خلق بحكمته وأبدع الكون بعظمته، {أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ}.
- زيارة المرضى والتأمل فى نعمة الصحة والعافية، ليكون الشكر وتكون المحافظة عليها من كل ما يضر بها، والقيام بأداء الواجب.
- زيارة الفقراء والمحتاجين ومعايشة قضاياهم، والتأمل فى نعمة المال والمُنْعم سبحانه الذى وهب المال، والقيام بالواجب فى هذا المال.
- طرح الأسئلة وإثارة النقاش معهم، حول تغير المناخ واختلاف درجة الحرارة من مكان إلى مكان، ومن فصل إلى فصل، والتأمل فى حركة الرياح والعواصف الترابية والثلجية والزلازل والبراكين، من يأتى بكل هذا؟ ومن يصرفه؟ التأمل فى حياة الثعبان كيف يحيا وهذا السم يملأ فاه؟ وحياة النحل ومن بالشهد "العسل" حلاه؟ التأمل فى حياة العنكبوت وكيف تصنع بيتها؟ والنمل وكيف يرتب حياته؟ التأمل فى حركة الطيور، من علمها الطيران؟ ومن علمها أساليب البحث عن الرزق؟
- التأمل فى حياة الأسماك وكيف تعيش فى الماء مختلفة الأشكال والألوان والأحجام؟ وبدون الماء تفقد الأسماك الحياة، وهو مصدر الغرق والهلاك لغيرها، فسبحان الخلاق العليم.
- التأمل فى ضعف الطفولة وقوة الشباب وضعف الشيخوخة، فقوة بين ضعفين، سبحان الحكيم الخبير: "الله الذى خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيْبَة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير".
ويجب أن ندع الأولاد يفكرون ويتأملون ويكتشفون ويدركون العلاقات بين الأشياء، ولا ينبغى أن نفكر لهم ولا بالإنابة عنهم، وينبغى أن نشجعهم ونرصد لهم الجوائز والمكافآت على اكتشافهم وإدراكهم.
ويمكن أن يكون لكل واحد من الأولاد ألبوم خاص به يحوى صوراً من الطبيعة، ويضع تعليقاته التأملية عليها، كما يمكن أن يكون لكل واحد من الأولاد ملف خاص عن المبعين وسرتهم وإنجازاتهم.
كما ينبغى أن ننمى مواهبهم المختلفة مثل: موهبة الفك والتركيب، وموهبة التصنيع، وموهبة الاختراع، وموهبة الكتابة والتأليف، وغير ذلك من المواهب التى لا ينبغى معها
م/ن